ما حجتكم؟!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
استحلفني بالله زميل سابق في الجامعة ومهنة الصحافة، انحاز لحزبه الحاكم منذ 2012 أن أرفع ما سماه غشاوة التعصب عن عيني وأقر بأن ثورة 21 سبتمبر 2014 انقلاب أورث اليمن نكبة! سألته بعد أن أقسمنا أن نكون صادقين: انقلاب على مَن.. أكان هناك سلطة شرعية، وتحكم البلد بدستوره وقوانينه، وتراعي مصالح الشعب وتحفظ أمنه واستقراره وتصون سيادته ووحدته؟!
أجاب: هادي رئيس منتخب وحكومة باسندوة منتخبة وشرعية ومعترف بها دوليا. فسألته: من نافس هادي في ما تسميه انتخابات. مِن بين أي خيارات متنافسة جرى انتخابه؟! ثم أخبرني مَن هو الحزب أو الأحزاب الفائزة في انتخابات نيابية تنافسية وتبعا بأغلبية مقاعد البرلمان، التي شُكلت حكومة باسندوة حتى تسميها منتخبة؟! لا هادي منتخب ولا حكومة باسندوة منتخبة.
قال: لكن هادي رئيس معترف به دوليا وكذلك حكومة باسندوة. قلت: هذه هي المشكلة أن “الشرعية” التي تتحدث عنها من دول الهيمنة والوصاية الخارجية وليس من الشعب وإرادته الانتخابية. وانهيار أحوال البلاد إداريا وماليا وخدميا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا نتاج هذا الارتهان التام للخارج وإملاءاته على حساب الامتهان الدامي للداخل ومصالحه.
قال: هذا الانهيار يقف وراءه الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي وجماعة الحوثي، جراء زعزعتهم الاستقرار وتسببهم بتدهور أداء مؤسسات الدولة والخدمات، وتعميم التفجيرات والاغتيالات والاختطافات والتقطعات وتخريب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز واستهداف معسكرات ومنتسبي الأمن والجيش، وصولا لتأليب الشارع والسيطرة على المدن وصنعاء.
أجبته: هذه مبررات فشل سلطتكم. كانت الدولة ومؤسساتها بيدكم وأقصيتم عشرات الآلاف من قياداتها ومنتسبيها وأحللتم عناصركم دون حتى مؤهلات وخبرات، وفككتم قوات الأمن والجيش بإشراف لجنة هيكلة عسكرية أمريكية وبريطانية وخليجية، ولم يكن هادي وحكومته يعزون ذوي ضحايا الاغتيالات والذبح الجماعي لمنتسبي الأمن والجيش، كما لو أنكم تؤيدون قتلهم!
تابعت: لقد انكببتم على الفرز السياسي للمجتمع معنا وضدنا والانتقام والإقصاء والاستحواذ على القرار والسلطة والموارد وأموال المنح والهبات والمساعدات والقروض رغم توقف بند الإنفاق على مشاريع التنمية، وعثتم فسادا بإقرار المانحين أنفسهم وإعلان حكومتكم عجزها عن دفع الرواتب ورفع أسعار المشتقات النفطية وللمرة الثالثة خلال أقل من عام وبنسبة 200%!
أما تأليب الشارع، فتدهور الأوضاع وتفاقم حال الكبد والخوف وانعدام الأمان والأمل في الغد، كان كفيلا بتأجيج سخط المواطنين وتفجير غضبهم على سلطة فاشلة وفالتة وفاسدة وتابعة للخارج حد طلب إدراج اليمن تحت الوصاية الدولية والفصل السابع! ثم إن صعودكم إلى السلطة كان عبر الشارع والساحات وإسقاط المعسكرات بدعوى “الدفاع عن الثورة”!
كان الانهيار يعصف بمختلف مناحي الحياة وكنتم تسيرون بالبلاد الى هذا الانهيار وليس الاستقرار بمباركة سفراء دول الوصاية العشر. وسعيتم بكل إصرار لتمرير مسودة دستور يريد تقسيم اليمن الى دويلات ذات سيادة “دساتير وبرلمانات ومجالس شيوخ وحكومات وقوات محلية”.. ويكفل لها “حق تقرير المصير واختيار النظام السياسي” اتحادا أو انفصالا أو اندماجا مع دول أخرى!
الأنكى، أنكم بدأتم تمرير هذه النكبة بفهلوة لاعبي الخفة، واعتماده بقرار أفراد غير منتخبين وقرار مجلس الأمن الدولي تحت “الفصل السابع”، بعيدا عن إرادة الشعب اليمني! وحين عبر الأخير عن موقفه وثار ضد الفساد والعمالة والخيانة، وضد التبعية والهيمنة والوصاية والمؤامرة، كانت الخطة (ب) شن حرب عسكرية واقتصادية وإعلامية، عدوان غاشم وحصار ظالم على اليمن.
وقد رأيتم محصلة استدعاء وتسويغ هذا العدوان على اليمن واليمنيين كافة. وأن غايته منذ البداية ليس دعم ما تسمونه “شرعية” وشاهدتم انقلابه عليها مرارا، وكيف أن غايته تدمير مقدرات اليمن وتمزيق نسيجه وتقسيم كيانه إلى دويلات ضعيفة متناحرة وتابعة خاضعة لدول هذا التحالف وخدمة أجندة أطماعها في موقع اليمن وثرواته.
لهذا، كفوا عن المكابرة والمقامرة بالوطن والشعب وكونوا صادقين مع أنفسكم ومع الله، وعودوا إلى صف الحق ضد الباطل، لننجو جميعنا ويسلم اليمن ويستعيد استقلاله وسيادته كاملة وينهض بمقدراته وثرواته بقيادة حكم وطني عادل وحر مستقل عن التبعية والارتهان لقوى الهيمنة والوصاية، التي أثبتت علنا أنها لا تريد له ذلك.

أترك تعليقاً

التعليقات