كيانات البشت!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

يا سبحان الله.. مملكة السويد، لا عربية ولا شرقية، ولا مصلحة لها من قريب أو بعيد في اليمن، تتجاوز مبادرة استضافتها مشاورات سلام لوقف الحرب، واستعدادها لاستضافة جولة أخرى، إلى تعيين مبعوث منها للسعي بين الأطراف لوقف الحرب.. و80 دولة عربية وإسلامية ما بين مصفق للحرب ومتجاهل!
ليست أقنعة الحكام أو النخب والشخصيات وحدها من سقطت. الانكشاف حد التعري امتد إلى كيانات: جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، واتحاد علماء المسلمين، ومشيخة الأزهر، وغيرها من الكيانات التي لا يعلو صوتها بشأن اليمن إلا لإدانة أي هجوم عسكري يستهدف دول تحالف الحرب السعودي!
لم تفكر جامعة الدول العربية، ولا منظمة التعاون الإسلامي، ولا اتحاد علماء المسلمين، ولا مشيخة الأزهر، ولا أي من كيانات إدانة المساس بدول تحالف الحرب؛ لم تفكر حتى اليوم في بذل أي جهود لإصلاح ذات البين أو تبذل أي مساع من أي مستوى لوقف الحرب وإحلال السلام في اليمن والمنطقة العربية!
منذ بدء حرب التحالف على اليمن، عُقدت 17 قمة خليجية وعربية وإسلامية، وقمم قُطرية عدة بين "زعماء" الأمة. لكنها لم تزل الجفوة أو تردم الهوة قدر ما زادت الفجوة ووسعت الفرقة بين أوساط الأمة، كأنها في مهمة تأجيج الأزمات وإشعال المنطقة بحروب عدة، تقودها إلى تهلكة حتمية، مآلاتها بينة جلية.
قمم عدة لم تغادر القمقم نفسه، وعدا تغير مكان انعقادها ومسمياتها، توالت مخرجاتها الخطابية وبياناتها الختامية نفسها، وظلت النتيجة العملية: توسيع الأزمات وتأجيج الالتهابات، وانهيار مظاهر وحدة الصف، الخليجي والعربي والإسلامي، باتجاه تبديد مقدرات الأمة وأمنها واستقرارها، والتفريط بحقوقها المغتصبة!
ومن أصل 36 قمة لجامعة الدول العربية منذ مشاركة اليمن 6 دول في تأسيسها عام 1945؛ عقدت منذ بدء حرب التحالف 6 قمم، وأخرى اقتصادية وعشرات الاجتماعات الوزارية؛ ظلت جميعها تردد خطاب تحالف الحرب الإقليمي والدولي بقيادة السعودية والإمارات، من دون مبادرة إلى رأب الصدع أو وقف الحرب.
لم تسجل قامعة الشعوب العربية، منذ بدء حرب التحالف، إدانة واحدة لمجزرة واحدة من مئات مجازر طيران تحالف الحرب بحق اليمنيين المدنيين، حتى تلك التي لم تجد الأمم المتحدة بدا من إدانتها حفاظا على واجهتها المنمقة بميثاق وقوانين دولية مجمدة، إلا حين تكون مصالح دول مجلس أمنها الخمس مهددة.
ولم تتخذ هذه الجامعة للدول العربية على التخاذل والهوان موقفا جادا داعيا لوقف الحرب وإحلال السلام، أو تبادر إلى تشكيل لجنة وساطة بين أطراف الحرب تسعى إلى وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن، أو حتى تعيين مبعوث لها إلى اليمن لبذل مساعي التقريب بين أطراف الحرب وصولا لاتفاق سلام.
ظلت هيمنة السعودية هي الطاغية منذ انكفاء مصر إثر جائحة ما سمي أمريكيا "الربيع العربي"، وتخليها مقابل مساعدات مالية واستثمارات عن دورها القومي القيادي للمنطقة العربية، وإخلائها الساحة علنا للسعودية تليها الإمارات، لتضطلعا منذ 2011 بتطويع توجهات السياسة والمواقف العربية وفق الأجندة "الإنجلوصهيونية".
كذلك منظمة التعاون الإسلامي، عقدت (منذ مارس 2015) 5 مؤتمرات من أصل 21 مؤتمر قمة اعتيادي وطارئ لممثلي 57 دولة، واستمرت مخرجاتها تحلق في سرب تحالف الحرب، تسويغا وتبريرا، تأييدا ومساندة، غير عابئة بتداعيات الحرب الكارثية على اليمن وشعبه، والمنطقة.
وبالمثل، مجلس التعاون الخليجي عقد 5 قمم، اثنتين منها ترأسهما رئيس أمريكا باراك أوباما ورئيسة وزراء بريطانيا مايا تريزا؛ وظلت رأس الحربة في قرع طبول الحرب منذ كان اليمن في طور أزمة سياسية ويشهد حوارا بين مكوناته السياسية والمجتمعية "أوشك على توقيع اتفاق لولا بدء عاصفة الحزم"، حسب شهادة المبعوث الأممي جمال بن عمر.
هذا التخاذل وحده يكشف مدى استلاب هذه الكيانات، وكم أنه استلاب كامل ومطلق لدول "البترودولار" تتصدرها تمويلا السعودية ومن ورائها إدارة وتوجيها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية والكيان "الإسرائيلي".. الأضلع الثلاثة لمثلث التحالف "الإنجلوصهيوني".. وهل من تفسير آخر؟!

أترك تعليقاً

التعليقات