كفايـة
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / #لا_ميديا -

يبدأ مشوار الألف ميل بخطوة، كما يقال، وأقرب شاهد وأجلى مثال ما نراه يتحقق في إحياء حرفة اليمنيين الأولى، وأهم مصادر القوة التي عرفوا بها قديما، وبلغوا معها مراتب متقدمة في التحضر والرقي، وتبعا الريادة والسيادة. أعني بالطبع تأمين قوتهم وتصدير فائض خيرات أرضهم «الطيبة» إلى عالم ظل يتوق إليها، ومازال يصنفها الأفضل جودة ومذاقا.
كفاية الشعب، أي شعب، حاجاته من الغذاء والدواء والكساء وباقي الأشياء، يعني تحقق حريته واستقلاله، في القرار والإدارة، وتبعا تحقق سيادة دولته، علاوة على تحقق رفاهه والتفرغ لنهضته في مختلف مناحي الحياة وتشييد حضارته. وهذا هدف كل الشعوب، يتطلب السير في تحقيقه استقراراً عاماً، فكيف الحال تحت حرب إقليمية ودولية.
هذا تحد إضافي جدير بأن يخوضه الآن اليمنيون في معركة البقاء أحرارا مستقلين غير خاضعين ولا تابعين، أعزة شامخين غير مذلولين ولا مهانين. قد يكون صعبا وعسيرا في ظروف حرب وحصار، لكنه ليس مستحيلا على من تحدوا صنوفا شتى من الصعاب والمستحيلات، وقهروها.
تظل اليمن «أرضاً طيبة» كما فطرها الله ووصفها، ورغم أن لا أنهار أو بحيرات دائمة في اليمن، واعتمادها على غيث السماء، إلا أن استعادة اليمنيين أمجادهم في زراعة وتصدير ما لذ وطاب، ممكن بإحياء براعتهم في هندسة المياه والري، وترميم منشآتها التي حصرها خبراء ألمان بـ16 نوعاً من المنشآت.
قرأت عن جهود حثيثة لإنتاج أسمدة محلياً، وقرأت عن توجهات لإكثار فصائل البذور اليمنية المهددة بالانقراض أمام استيراد بذور خارجية أقل جودة وثماراً، وقرأت عن توجه لإحياء جمعيات التعاونيات الزراعية، وعن دعم المزارعين بمنظومات الطاقة الشمسية وأنظمة الري الحديثة، وإقرار شراء الدولة المحاصيل بأسعار مدعومة وبيعها في أسواق مخصصة...
كل هذا مما يبعث على البهجة والسعادة، وقبل هذا الأمل في غد أفضل، نأكل فيه مما نزرع ونلبس مما ننسج ونحيك ونصنع. وأيما إنجاز هذا، خصوصا وأن هناك عزيمة وهمة لا حد لهما لدى اليمنيين، تساندهما إرادة تزداد جدية وإصرارا لدى القيادة السياسية والحكومة والجهات ذات العلاقة، بوصفه هدفاً مصيرياً.
سيكون تحقيق هذا الحلم أيسر وجدواه أعم إذا اتجه رأس المال الوطني لاستثمار الفرص القائمة والواعدة في قطاع الزراعة والإنتاج الحيواني والسمكي، والاستفادة مما أعلن من امتيازات إضافية للاستثمار فيها، آخرها الإعفاءات الضريبية والجمركية لمدخلات ومخرجات هذا الاستثمار.
في هذا، أرى أن «خدمة العلم» لخريجي الثانوية العامة التي جرى مؤخرا استئنافها، في قطاعي التعليم والدفاع، حري بها أن تشمل قطاعا ثالثا للخدمة الوطنية، هو قطاع الزراعة، بتوجيه طاقات الشباب إلى استصلاح أراض زراعية والاضطلاع بأعمال البذر والغرس والحرث والري وصولا إلى الحصاد والتغليف والتسويق. 
لا شيء مستحيلاً بوجود الحاجة والإرادة، فكيف الحال والخبرة والأرض موجودتان.. يلزمنا فقط الإيمان بما نريد، وأننا نستطيع بعون الله، بكثير من التفاني والإخلاص سبيلاً وحيداً للخلاص من ربقة ومذلة سلال الإغاثة، واستعادة عزة وأمجاد سلال الغلال.. والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات