نصر حق
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

تضج وسائل الإعلام ووسائط التواصل بأصداء عملية وادي آل جُبَارة، وكلٌ ينظر إليها من زوايا مختلفة ويبرز لها دلالات وأبعاداً عدة، قد نتفق معها أو نختلف في بعضها، لكننا حتما سنتفق أنها بحق نصر ولطف من الله.. نصر لليمنيين ولطف بهم ودمائهم وأرواحهم، التي استخف بها وأرخصها التحالف وما يزال.
قد يرى البعض ويحاول تصوير العملية أنها نصر لفصيل يمني على آخر. لكنها ليست كذلك في نظري على الأقل، لأنها نصر لجميع اليمنيين على إرادة الخارج وإدارته لهذه الحرب الحاقدة والمدمرة والمجرمة بحق اليمن كاملا واليمنيين كافة.. نصر يمني يستحق الإكبار والاحتفاء، ويوجب الحمد لله والشكر والثناء.
تجنيد تحالف الحرب السعودي الإماراتي كل هذه الأعداد الكبيرة من المقاتلين وتسليحهم يجسد استغلال التحالف، حال إفقاره الممنهج لليمنيين بتدميره وطنهم ومقومات الإنتاج وإعدامه فرص العمل والأمل، وحصره الخيارات أمام الشباب والشائبين أيضا في امتهان الحرب واتخاذها حرفة للعيش وإن بهوان وذلة.
كذلك استمرار التحالف في الإنفاق بسخاء على تجنيد المقاتلين يؤكد غاية استنزاف اليمنيين في حرب أهلية تشغلهم عمّا يحاك لهم وضدهم. وتجديد التحالف قصف مجنديه، كما وثقت مشاهد مطاردة طيرانه لهم، شاهد آخر على مدى استهانة التحالف بدماء وأرواح اليمنيين واسترخاصها بل واحتقارها علنا وإهانتها جهرا.
أيضا، ترك التحالف مجاميع مجنديه "بلا غذاء أو ماء وبلا إمداد"، كما قال أسرى العملية. شاهد آخر جلي على إمعان التحالف في هذا الامتهان والاسترخاص والازدراء والاحتقار. وهو كفيل وحده بتأكيد مدى خداع التحالف وأدواته ومدى الانخداع الذي وقع فيه مجندوه ومن لا يزالون مخدوعين به وبأهدافه.
خداع التحالف وانخداع مجنديه يتجلى أيضا في طبيعة توصيف التحالف لهوية من يقاتل ضده ويدفع مجنديه لمقاتلته: مجوس، روافض، شيعة، ايرانيين، أعداء الدين.. الخ، التوصيفات المبيحة للدم سلما أو حربا، وصبغاتها الدينية واستنادها إلى فتاوى فتنوية تكفيرية، رغم تناقضها واقعيا، وانتفائها جميعها عمليا.
كذلك انقلاب وإعطاب وإحراق كل تلك الآليات العسكرية الحديثة، الأمريكية والبريطانية والكندية الصنع؛ شاهد آخر على أن الأصل في الحروب هم الجنود، المقاتلون، من يستخدمون السلاح. وأن هؤلاء متى ما كانوا يمتلكون قضية عادلة ومشروعة، ويؤمنون بها، كانت الغلبة لهم والنصر حليفهم، لا محالة.
وبالطبع، مشاركة كبار القادة العسكريين في الصفوف الأمامية للمعارك، ومثلهم في هذه العملية رمزية وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي؛ شاهد آخر على الفرق الشاسع بين نزلاء الخنادق ونزلاء الفنادق، وتبعا فارق الدوافع، غاية أطراف الحرب، وأن هدف الدفاع لا يلتقي مطلقا وغاية التربح والانتفاع.
أخيراً، "لا تخافوا، نحن إخوة"، بهذه العبارة لا سواطير الذباحة، جرى استقبال أسرى الألوية الثلاثة التابعة لتحالف الحرب. هذا التسامح اليمني وتأكيده إمكان التصالح اليمني اليمني، لا يريدهما تحالف الحرب، ليس لأنه يظهره مسعرا للحرب ومغذيا ومؤججا لها، بل أيضا لأنه يفشل أجندة الحرب ويعطل أهداف دول تحالفها وأطماعها.

أترك تعليقاً

التعليقات