سحت أممي
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تهتم الأمم المتحدة في أحاديثها ومناشطها ومساعيها وبيانات تحذيراتها بالوضع الإنساني الكارثي في اليمن جراء الحرب، لكنها لا تهتم بالقدر نفسه ولا حتى ربعه بأسباب هذه «الأزمة الإنسانية» التي تؤكد أنها «الأسوأ في العالم». أما لماذا؟ فلأنها مستفيدة من هذه الأزمة، ودوام الحرب، حد التخمة!
بخلاف ما يفترض بالأمم المتحدة السعي لإنهاء الصراعات والحروب وإحلال السلام، تظهر وقائع الأحداث أن إدارة الصراعات والحروب مهمة أممية لجني مكاسب مالية طائلة بجانب تحقيق أهداف ومصالح للقوى الكبرى، ما يجعلها الخاسر الأكبر من توقف الحروب كما هي الحال مع حرب اليمن.
باتت الأمم المتحدة شريكا متخما ومرفها لليمنيين الفقراء والمعدمين في قوتهم ودوائهم، وتطلق أسبوعا سنويا للتباكي على الجوعى والمرضى في اليمن ليس إحساساً بمعاناتهم، بل طلبا لنصيبها من غنيمة الحرب. نصيب ليس زهيدا بالمرة، بل كبير جداً، بلغ حتى الآن 28 مليار دولار!
وكما كل عام، استبقت الأمم المتحدة ما تسميه «مؤتمر المانحين لليمن» بأسبوع بكائي، كثفت فيه نائحات الوضع الإنساني الكارثي في اليمن 
وأنه بلغ مبلغاً خطيراً جداً، يستدعي جمع مبلغ لا يقل عن 4,6 مليارا، لتتمكن من الاضطلاع بدورها الإغاثي الإنساني لملايين اليمنيين.
فعليا، لا تصل مساعدات الأمم المتحدة إلى جميع اليمنيين الذين أفقرتهم الحرب وحصار تحالفها الجائر. حتى وفق تقارير الأمم المتحدة، تتحدث عن تغطية ما بين 9 ملايين إلى 12 مليوناً في أكثر شطحاتها. وهؤلاء فعليا لا يمثلون سوى 30 إلى 45% من إجمالي تعداد اليمنيين.
هذه الأرقام، هي قطعا مبالغ فيها، لكنها ما تتحدث عنها منظمات هيئة الأمم المتحدة، في تقارير استجداء التمويل لما تسميها خطتها للاستجابة الإنسانية في اليمن، وما تلوح دائما بأنهم سيموتون جوعا في حال لم تتحصل التمويل الكافي لتغطية استمرار إغاثتهم بسلال غذائية كل ثلاثة أشهر.
تقول الأمم المتحدة بأن كلفة السلة الغذائية الإغاثية تبلغ 70 دولارا أمريكيا، وهذا يجعل ما تحصلته حتى الآن (28 مليار دولار) كافيا لتأمين 16 سلة غذائية لكل يمني طوال السنوات الست الماضية، لكن الحاصل أنها لم تؤمن -في أحسن الأحوال- سوى سلة غذائية كل ثلاثة أشهر لثلث اليمنيين فقط!
لم تفعل الأمم المتحدة ما ينبغي أن تفعله بإجمالي المبالغ التي جمعتها سحتا باسم اليمنيين ومعاناتهم، لأنها شريك لهم في ما جمعته بأوجاعهم وآلام معاناتهم مع الجوع والمرض والتشرد والفقر والعوز والحرمان. الآفات الأممية المصنعة بعناية جراء تغذية الحروب وإدامتها وضمان استمرارها لا إنهائها.
وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد نصت على خُمس للقائمين على جمع الزكاة، فإن الشرعة الأممية قد أباحت 50% من أموال المانحين التي تجمعها باسم مساعدة وإغاثة الشعوب التي تعاني ويلات الحروب، تذهب تحت بنود مرتبات موظفي بعثات الأمم المتحدة وأسفارهم ومواصلاتهم وسكنهم وحراستهم... إلخ.
لا يحتاج اليمنيون لسلال إعانات من أحد، فهم شعب الغلال، على مر التاريخ، ويستطيعون تأمين كفايتهم من الغذاء، فقط إن كف العالم المنافق وهيئة أممه المنبطحة على الارتهان لقوى الهيمنة والشرهة لاستثمار معاناة الشعوب والاتجار بحروبها، كف أيديه الشريرة المعتدية، ورفع الحصار الظالم عنه واستعاد استقلاله وحريته.

أترك تعليقاً

التعليقات