بلا عكاكيز!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

تحسب لهذه الحرب الحاقدة المجرمة، أمور شتى، جُلها سلبية كارثية قطعا، إنما لا تخلو من أمور إيجابية أيضا، على قاعدة «رب ضارة نافعة»، وليس أبرز هذه المنافع انكشاف الأقنعة، تأكيد زيف تحالف الحرب ومنطلقاته، ركائزه أو عكائزه أو عكاكيزه الأربع: الشرعية، الانقلاب، مليشيات، استعادة الدولة. جميعها سقطت وتجسد نقيضها تماما.
لست وحدي من يرى هذا يقينا، الموالون لتحالف الحرب السعودي الإماراتي، هم أيضا صاروا يرون ذلك عيانا بيانا، لولا المكابرة ودفعها إياهم إلى الاستمرار في المقامرة بوطن وشعب، على أمل الكسب الموعود، بامتلاك ناصية الحكم المفقود، حتى ولو بظاهر صوري، شكلي أو حتى رمزي، استعصى أن يغدو بحكم المشهود.
يدرك اليوم، كثيرون من الموالين لتحالف الحرب، بشقيهم «شكرا سلمان.. ملك العزم والحزم» و«شكرا إمارات النجدة والخير»، أن «الشرعية» مجرد ترهة سوغت التدخل السعودي الإماراتي في اليمن، والتغلغل في أراضيه، والتوغل في استباحة سيادته وسلب استقلاله وتقويض دولته، وتدمير مقدراته، ومقومات استقلاله عن الوصاية.
يتجلى هذا الإدراك، في ما بات يسميه الموالون لتحالف الحرب «الانحراف عن الأهداف المعلنة»، ويقرون بأن «التحالف يعمل ضد الشرعية»، ولأن الأخيرة لا أصل لها، انتخابيا ولا شعبيا ولا توافقيا سياسيا ولا نهجا، فإن كثيرين صاروا يعترفون بأن «الشرعية كانت وماتزال مجرد شعارات زائفة لتسويغ التدخل وتنفيذ أجندات أطماع خاصة».
غدت الحقيقة الماثلة للعيان، بشواهد الزمان والمكان، ومجريات الأحداث وما انكشف وبان، أن الشرعية مجرد محلل لشرعنة هذا التدخل العسكري الخارجي المدمر لليمن، المكان والكيان، الإنسان والبنيان، وحالما تنتهي فاعلية هذا المحلل سينتج التحالف بديلا عنه، يحلل له تنفيذ مزيد من الأهداف وجني مديد من الأطماع الجلي في اليمن.
كذلك العكاز أو الركيزة الثانية لتحالف الحرب المسماة «إنهاء الانقلاب»، المرتبط بالأولى «الشرعية». لا حاجة لكثير دلائل وشواهد وبراهين، على أن التحالف، بمنطقه هو والموالين له، قد دعم ومول ورعى انقلابات عدة على ما تسمى «الشرعية» في المحافظات الجنوبية المسماة «محررة»، وأوجد قوى لم تكن موجودة، لتقويض هذه «الشرعية» المزعومة!
حدث هذا، منذ العام الأول لحرب التحالف السعودي الإماراتي، فسعى بجد واجتهاد إلى اجتياح محافظات لم تشهد ما يسميه «الانقلاب على الشرعية» ولم تمتد إليها أية مواجهات مسلحة، كحضرموت والمهرة وسقطرى، واللاتي يشكلن 80% من مساحة الـ«80%» المسماة «المحافظات المحررة»، وبات ثابتا أنها غير محررة ولا تخضع لـ»الشرعية» إياها!
عمد التحالف تحت غطاء ثالث ركائزه أو عكاكيزه المعلنة «دحر المليشيات الانقلابية»، إلى تمويل إنشاء وتجنيد وتدريب وتسليح مليشيات انقلابية على «الشرعية» نفسها، بأسماء «المقاومات الشعبية» و»النخب العسكرية» و»الأحزمة الأمنية» و»الدعم والإسناد» و»التدخل السريع» و»العمالقة الجنوبية» و»حراس الجمهورية» الخ التشكيلات المتمردة على «الشرعية» ذاتها!
بالتوازي مع ما سلف، أمعن التحالف في التلف، ونسف ركيزته المعلنة الرابعة «استعادة الدولة في اليمن»، بتكريس جل جهده وأمواله لإنهاء الدولة في اليمن، وإزالة ما تبقى من مظاهرها، وتدمير مقوماتها من دستور ونظام وقوانين، ومصادرة أركان وجودها من سيادة واستقلال قرار، وتفتيت أعمدتها من شعب ونسيج مجتمعي وطني، ومايزال يفعل علنا، لا سرا!.
والحال في المحصلة، أن التحالف الكسيح يسير بهذا التفرق لأيدي اليمنيين والتمزق لكيانهم، والتمدد لانهيار دولتهم، والتبديد لسيادة أراضيها وأجوائها ومياهها، والمصادرة لاستقلال قرارهم الوطني، والارتهان الكلي لوصاية الخارج الإقليمي والدولي، على حساب الامتهان الدامي لكرامة الداخل اليمني، وتحويل اليمنيين من شعب غِلال الثمار إلى شعب سِلال الاحتقار!

أترك تعليقاً

التعليقات