فاجعة الذل!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يمكن أن يتفهم الإنسان هدوء الأغنام والدواجن وهي تنتظر دورها في الذبح؛ لكنه سيلحظ أنها، وبرغم فطرة خلقها للذبح، تتوتر وقد تفقد السيطرة على نفسها لمشاهد الذبح! ماذا عن البشر؟! أيعقل أن ينتظروا بسكينة دورهم حتى يدور عليهم عدوهم بسكّينه؟!
حدث هذا -مع الأسف- في مجازر إبادة جماعية تعرضت لها شعوب عدة ظلت تستهين بأطماع الغزاة، وتظن نفسها بمنأى عن خطرها، حتى جاء الدور عليها تباعاً. مجازر المغول، التتار، والصليبين، في الأندلس، والبوسنة والهرسك... وغيرها.
تفترض الفطرة السوية أن تظل هذه المجازر الجماعية عبرة لكل ذي عقل. لكن الحاصل أن وقائع التاريخ لا يُنظر إليها أنها تتكرر حرفياً بتكرار البشر الأخطاء نفسها. هذا ما يحدث -مع الأسف- من جديد مع شعوب المنطقة العربية!
لا تدري كيف تأمن شعوب الأمة العربية والإسلامية على نفسها من خطر جلي لا خفي، يجاهر به عدو حاقد صريح العداء كالكيان الصهيوني! ما الذي يجعل شعوب المنطقة هادئة وهي ترى ما يفعله هذا العدو بأشقائهم في فلسطين؟!
كيف بلغ الذل بأمة، تعدادها يناهز الملياري إنسان، هذا المبلغ؟! كيف تمكن منهم الجُبن إلى هذا الحد من الاستكانة والخضوع لعدو ما يزال، رغم كل إمكانياته العسكرية، قشة تتهاوى إن زأروا فقط في وجهه؟! فكيف أن انتفضوا لاقتلاعه؟!
يقف المتابع غير العربي مدهوشاً لما يحدث، لا يجد تفسيراً مقنعاً لهذا المشهد العام في المنطقة العربية، وبصورة أكبر بين الشعوب العربية المجاورة لفلسطين! يظهر اليوم بين اليهود والنصارى من يستفزه هذا المشهد، ويثور غضباً منه!
صحيح أن ترسانة الدعاية والحرب النفسية والمسخ الفكري نجحت طوال عقود في تعويم مشاهد قتل الفلسطينيين وانتزاع حقولهم وتدمير منازلهم وتشريدهم، لتغدو مشهداً مألوفاً؛ لكن هذا الاعتياد لا يبرر بأي منظور أن يغدو الخطر مألوفاً!
حالة التبلد السائدة، وهدأة الذل والاستكانة الجماعية، للشعوب العربية والإسلامية، لا تبرر أن تأمن هذه الشعوب خطراً يتهددها، بالقدر نفسه! الكيان الصهيوني لا يخفي حقده على العرب، مثلما لا يواري عداءه للمسلمين عموماً، بوصفهم «حيوانات بشرية»!
تقر بهذا علناً العقيدة المنحرفة لليهود، بنصوص صريحة في كتبهم «المقدسة»، تقول: «العربي الجيد هو العربي الميت»! وتنظر للبشرية عموماً، والعرب خصوصاً، بأنهم خُلقوا لخدمتهم بوصفهم «شعب الله المختار»!! وتبيح قتلهم كهولاً وأطفالاً، نساء ورجالاً!
يدرك هذا أحرار العالم من أعراق شتى. يعرفون أن البشرية أمام خطر عقيدة منحرفة تغذي عنصرية متطرفة تجعل البشر بنظر اليهود الصهاينة «حيوانات خلقهم الله بهيئة بشر ليكونوا لائقين لخدمتهم»، وأن المقصود بـ السلام» هو الاستسلام للعبودية أو الإبادة!
يبقى الجلي البيّن أن الأمة العربية والإسلامية يحدق بها الخطر نفسه الواقع على غزة، يتربص بها العدو ذاته، ويتهددها المصير عينه. يفترض بها أن تدفع هذا الخطر، وتردع هذا العدو، وتخلع عن نفسها أسباب الاستكانة لهذا المصير المهين، فهي قادرة وتستطيع، إن أفاقت.

أترك تعليقاً

التعليقات