عجز العجز!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
أنا قرأت البارحة، خبرا يتحدث عن توقيع السعودية ممثلة بسفيرها محمد الجابر «اتفاقية لدعم عجز موازنة الحكومة» التابعة للتحالف السعودي -الإماراتي. مع أن هذه الحكومة ليس لديها أصلا موازنة عامة، وأعلنت الشهر الماضي «تشكيل لجنة عليا» لإعدادها اعتبارا من 2026م!!
الأطرف من هذا، هو حديث الخبر نفسه عن أن الاتفاقية «لمواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية العاجلة». لاحظوا لفظ «العاجلة»، كما لو أن اليمن لا يواجه حربا طاحنة تقودها السعودية والإمارات منذ 11 عاما، أتت على مقدرات البلاد وكرامة العباد، وجمدت التنمية كليا!!
أما الأنكى، فهو تأكيد الخبر عجز حكومة العليمي الفندقية، عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للمواطنين، وحديثه عن توقيع اتفاقية مع السعودية...
 «لإمداد الحكومة بالمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، لتحسين مستوى الخدمات، وزيادة ساعات تشغيل الكهرباء»!!
لكن الأدهى، مما سلف هو إقرار الخبر بأن «حكومة العليمي»، عاجزة أيضا عن توفير الحد الأدنى من الأمن في عدن والمحافظات «المدردحة»، وتوقيع «مذكرة تعاون مع البرنامج السعودي لدعم جهود وزارة الداخلية في بناء قدراتها المؤسسية الفنية والتقنية، ورفع كفاءة الأداء المؤسسي»!!
أكثر من هذا، ما جاء في حديث رئيس «حكومة العليمي» سالم بن بريك، على هامش توقيع الاتفاقيات. قال: «إن هذه الاتفاقيات تمس جوهر احتياجات الشعب اليمني، وتؤسس لمرحلة أوسع من الشراكة الفاعلة في دعم الموازنة العامة، وتزويد محطات الكهرباء بالمشتقات النفطية»!!
ليس هذا فحسب، فبريك، في حديثه عن التزام حكومته بـ»إدارة هذا الدعم السعودي بأعلى معايير الشفافية والمساءلة»، كان شفافا جدا في الإقرار بالانفلات والفساد المالي والإداري لسلطات «الشعيرية»، بحديثه عن سعي حكومته إلى «استعادة الثقة الدولية ومقدرة النهوض من بين الركام»!!
وكما هي عادة خطابات وتصريحات العليمي وأعضاء مجلس قيادته وحكومته، كان لا بد من «دعوة شركاء اليمن الإقليميين والدوليين، إلى مضاعفة دعمهم للحكومة وخططها وبرامجها الإصلاحية، والمشاركة بفاعلية في الاستثمار والتنمية»، في إقرار بأن اليمن يخضع لكفلاء بلا كفالة!!
يأتي هذا «الدعم» الجديد من تحالف «الكفلاء»، في ظل عجز «حكومة العليمي» عن صرف رواتب موظفي الدولة ومنتسبي تشكيلاتهم العسكرية المتعددة والمتنافرة، لأربعة أشهر متتابعة! والاضطرار أمام سخط المواطنين الى «صرف نصف راتب»، والإعلان عن «جدولة صرف بقية الرواتب»!!
كل هذا العجز، وهذا التنصل من أدنى واجبات الحكم ومسؤوليات الحاكم ووظائف الحكومة، وتجدهم ما يزالون يكررون الأسطوانة المشروخة: «كله بسبب الحوثيين»!. مرت 11 سنة على سقوط نظامهم المرتهن للخارج على حساب امتهان الداخل، وما يزالون يعلقون فشلهم على «الانقلاب»!!
تخيلوا.. 11 سنة، من «دعم التحالف» وزعم «التحرر والتحرير» لعدن ومحافظات جنوب البلاد، ولم يستطيعوا حتى اليوم في هذه المحافظات «المدردحة» تجسيد شعارهم «استعادة الدولة ومؤسساتها»!. أهناك عجز وفشل وفساد أكبر من هذا؟ وهل هناك خيبة ونكبة ونكسة أشد من هذه؟!
مؤسفة جدا، الحال التي وصل إليها اليمن، في عهد من طالبوا بإدراجه تحت الوصاية الدولية بموجب الفصل السابع لمجلس الأمن الدولي! أسقطوا دولته، وسيادته، ونظامه الجمهوري القائم -ولو شكليا- على انتخاب الشعب لحكامه وممثليه في سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والمحلية!!
أضاع هؤلاء بطلبهم التدخل العسكري الخارجي السلطة والحكمة، وأضاعوا وطنا وشعبا، فاستبدلوا الدولة بالرفلة، والسيادة بالوصاية، والاستقلال بالاحتلال، وأسباب الاستقرار بالاستلاب والانهيار، وعوامل الازدهار بفواعل الانحسار، والكرامة بالمهانة، والعِزة بالذلّّة، وسلال الغِلال بسلات الإذلال!!

أترك تعليقاً

التعليقات